نام کتاب : في ظلال القرآن نویسنده : سيد قطب جلد : 3 صفحه : 1536
ويملك أن يزاد عليها، إذا هو عرف فشكر كما يملك أن يزيل هذه النعمة عنه إذا هو أنكر وبطر، وانحرفت نواياه فانحرفت خطاه.
وهذه الحقيقة الكبيرة تمثل جانباً من جوانب «التصور الإسلامي لحقيقة الإنسان» وعلاقة قدر الله به في هذا الوجود وعلاقته هو بهذا الكون وما يجري فيه.. ومن هذا الجانب يتبين تقدير هذا الكائن في ميزان الله وتكريمه بهذا التقدير كما تتبين فاعلية الإنسان في مصير نفسه وفي مصير الأحداث من حوله فيبدو عنصراً إيجابياً في صياغة هذا المصير- بإذن الله وقدره الذي يجري من خلال حركته وعمله ونيته وسلوكه- وتنتفي عنه تلك السلبية الذليلة التي تفرضها عليه المذاهب المادية، التي تصوره عنصراً سلبياً إزاء الحتميات الجبارة. حتمية الاقتصاد، وحتمية التاريخ، وحتمية التطور.. إلى آخر الحتميات التي ليس للكائن الإنساني إزاءها حول ولا قوة، ولا يملك إلا الخضوع المطلق لما تفرضه عليه وهو ضائع خانع مذلول [1] ! كذلك تصور هذه الحقيقة ذلك التلازم بين العمل والجزاء في حياة هذا الكائن ونشاطه وتصور عدل الله المطلق، في جعل هذا التلازم سنة من سننه يجري بها قدره، ولا يظلم فيها عبد من عبيده:
«وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» ..
«فَأَهْلَكْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كانُوا ظالِمِينَ» ..
«ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ» .. والحمد لله رب العالمين..